السلوم: نمو 3% في مساهمة “الصغيرة” و”المتوسطة” يعزز موقع البحرين الاقتصادي

حسن الستري
ارتفاع نسبته 3% في مساهمة المؤسسات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في 2024 مقارنة بالعام الذي سبقه، هو إنجاز يعكس نجاح السياسات الوطنية لتنويع الاقتصاد وتعزيز دور القطاع غير النفطي، بحسب رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس النواب النائب أحمد السلوم، وذلك بالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ما يؤكد أهمية هذا القطاع كقوة دافعة للتنمية الاقتصادية المستدامة.
وبمناسبة اليوم العالمي للمؤسسات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، الذي تحتفي به الأمم المتحدة في 27 يونيو من كل عام، أكد النائب السلوم أن هذا القطاع الحيوي يشكل العمود الفقري للاقتصاد الوطني في مملكة البحرين، وأحد أبرز محركات التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي الشامل، منوهاً بدوره المحوري في تعزيز الإبداع والابتكار، وخلق الوظائف، وتنويع مصادر الدخل الوطني. وأوضح السلوم أن مملكة البحرين واصلت تحقيق معدلات نمو ملحوظة في هذا القطاع خلال عام 2024، حيث ارتفعت مساهمة المؤسسات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنسبة 3% مقارنة بالعام السابق، وذلك في إطار جهود الدولة المتواصلة لتنويع الاقتصاد الوطني وتعزيز مكانة القطاع غير النفطي. وأشار إلى أن عدد المنشآت المسجلة ضمن هذا القطاع بلغ نحو 75 ألف منشأة، تشكل ما نسبته 93.3% من إجمالي السجلات التجارية، منها 81% مملوكة لمواطنين بحرينيين، في حين تصل نسبة المؤسسات المملوكة للنساء إلى 39%، ونسبة ملكية الشباب إلى نحو 23%، الأمر الذي يعكس الحضور الوازن لهذا القطاع في بنية الاقتصاد الوطني.
وأشاد السلوم بالدعم الكبير والنوعي الذي يحظى به هذا القطاع من قبل الحكومة الموقرة، برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حيث واصلت الحكومة تنفيذ برامج ومبادرات متميزة عبر مختلف الجهات المعنية، من بينها صندوق العمل «تمكين»، الذي واصل تقديم الدعم المباشر لآلاف المؤسسات من خلال منح تشغيلية وتمويلية متنوعة. كما أُطلق «صندوق النمو للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة»، أكبر صندوق تمويلي من نوعه بقيمة 100 مليون دينار بحريني، بالشراكة مع بنك البحرين للتنمية و»صادرات البحرين»، ما شكّل نقلة نوعية في مسارات التمويل المستدام لهذا القطاع.
وفي ذات السياق، نوه السلوم بالجهود المتميزة التي تبذلها وزارة الصناعة والتجارة في تنفيذ خطة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، حيث حققت نسبة إنجاز تصل إلى 68% من مستهدفات الخطة الاستراتيجية حتى العام الجاري، والتي تشمل 44 مبادرة رئيسية تهدف إلى تطوير هذا القطاع وتعزيز تنافسيته محلياً وخارجياً. وأوضح أن الوزارة أطلقت منذ عام 2017 نشاط حاضنات ومسرعات الأعمال، التي توفر خدمات متكاملة لرواد الأعمال في مجالات الإرشاد، والتخطيط المالي، والتسويق. وأضاف أن وزارة الصناعة والتجارة بادرت كذلك بإطلاق النظام الإلكتروني لتسجيل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ما أتاح لها الاستفادة من مميزات تشجيعية هامة، من بينها تخصيص 20% من قيمة المشتريات والمناقصات الحكومية لصالحها، وأولوية بنسبة 10% في تقييم العروض المقدمة في المناقصات والمزايدات الحكومية، الأمر الذي ساهم في توسيع فرص الأعمال أمام هذه المؤسسات وتعزيز استدامتها.
ولفت رئيس «مالية النواب» إلى أهمية الخطوات النوعية التي اتخذتها الجهات الحكومية لتعزيز منظومة الابتكار والبحث والتطوير في هذا القطاع، حيث تم في عام 2022 تدشين مركز البحرين لنقل التكنولوجيا والابتكار بالتعاون مع جامعة البحرين، ليكون أول مركز وطني يعنى بحماية الملكية الفكرية، وتطوير مشاريع الابتكار الجامعي، وتمكين المخترعين من تسويق اختراعاتهم وتحويلها إلى مشاريع إنتاجية تدعم الاقتصاد الوطني. وفي جانب تطوير الخدمات المالية والتمويلية الموجهة لهذا القطاع، أشاد السلوم بجهود بنك البحرين للتنمية في تقديم حزمة واسعة من الحلول الرقمية والمصرفية المتخصصة، عبر منصته المصرفية الإلكترونية «تجارة»، والتي سهّلت إجراءات التمويل السريع للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وساهمت في تنفيذ أكثر من 16 ألف عملية تمويلية منذ تأسيسها، إلى جانب طرح منتجات تمويلية حديثة مثل «تجارة إكسبرس» و«خصم الفواتير»، التي أسهمت في دعم السيولة المالية لهذه المؤسسات وتخفيف أعبائها التشغيلية.
وفيما يتعلق بالفرص المستقبلية، شدد السلوم على ضرورة الاستمرار في تطوير هذا القطاع الحيوي في ضوء التحديات الاقتصادية والسياسية العالمية، مع التركيز على تنمية قدراته التكنولوجية والتحول الرقمي وتعزيز الابتكار، خاصة في مجالات الذكاء الاصطناعي، والتقنيات الخضراء، والتكنولوجيا المالية، بما يضمن تعزيز قدرته التنافسية في الأسواق العالمية، ويقوي مرونته في مواجهة المخاطر.كما أكد السلوم أهمية الإسراع في بناء قاعدة بيانات وطنية متكاملة وشاملة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بحيث تشكل مرجعية دقيقة تدعم عملية اتخاذ القرار ورسم السياسات العامة بشكل علمي ومدروس، مما يسهم في تعزيز استدامة هذا القطاع وضمان مواكبته لمتغيرات الأسواق الدولية.وفي ختام تصريحه، جدد السلوم تأكيده على الدور المحوري لمجلس النواب والسلطة التشريعية في مواصلة تطوير الأطر التشريعية والتنظيمية اللازمة لحماية هذه المؤسسات وتعزيز نموها، من خلال سن المزيد من التشريعات التي تدعم بيئة الأعمال، وتخفف من الأعباء والتحديات الإدارية والمالية، وتوفر مظلة تشريعية متقدمة لحماية الملكية الفكرية وتأمين الأصول الرقمية، وتحفز النمو المستدام لهذا القطاع الذي يمثل دعامة رئيسية لرؤية البحرين الاقتصادية 2030.