حوادث

الصديقي يحاضر عن تحديات قوانين العمل في ضوء التطورات التقنية الحديثة



أيمن شكل

حذّر المستشار ومدير الشؤون القانونية د.علي الصديقي من قدرة الذكاء الاصطناعي على التعلم واتخاذ القرارات، مشيراً إلى وجود صعوبة بالغة في معرفة سبب إنهاء عقود العمل المتخذة بقرار يعتمد على الخوارزميات القائمة على فكرة التعلم الآلي.

وتحدث الصديقي، خلال محاضرة إلكترونية بعنوان “تحديات قوانين العمل في ضوء التطورات التقنية الحديثة”، ضمن برنامج “إضاءات قانونية” الذي تنظمه هيئة التشريع والرأي القانوني، عن نشأة قانون العمل وما قبل التشريع والتحولات الاجتماعية والاقتصادية، ثم أشكال التكنولوجيا الحديثة التي تؤثر في تشريعات العمل، والقواعد المنظمة للعمل مثل وقت العمل (الحضور والغياب)، ووسائل تنفيذ العمل مثل البريد الإلكتروني، والعمل من المنزل، وصولاً إلى الثورة التقنية واقتصاد المنصات، والذكاء الاصطناعي.

وقدم المحاضر تعريفات للذكاء الاصطناعي، مشيراً لوجود الكثير من الاجتهادات في هذا الصدد، لكن لم يعرف الذكاء الاصطناعي حتى الآن على نحو دقيق، لأنه يطرأ الكثير من التغيير على تعريفه بمرور الوقت ومع استمرار التقنيات في التطور.

وقال إن المفوضية الأوروبية عرفت “الذكاء الاصطناعي” على أنها الأنظمة التي تعرض سلوكاً ذكياً من خلال تحليل سلوكها للبيئة واتخاذ الإجراءات بدرجة معينة من الاستقلالية لتحقيق أهداف محددة، ويمكن أن تقوم الأنظمة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي على البرمجيات بشكل بحت، وتعمل في العالم الافتراضي (مثل المساعدين الصوتيين، وتحليل الصور ومحركات البحث وأنظمة التعرف على الكلام والوجه) أو كذلك أنظمة الذكاء الاصطناعي المدمجة في الأجهزة (مثل الروبوتات المتقدمة أو السيارات ذاتية القيادة أو الطائرات بدون طيار أو إنترنت الأشياء، وتسمى بتطبيقات الأشياء).

ولفت الصديقي إلى تسابق الدول للاستفادة من أدوات واستخدامات تقنيات الذكاء الصناعي، وقال إن الرقمنة والذكاء الصناعي يعيدان تشكيل القطاعات والحياة بوتيرة متسارعة جداً، بينما التأطير القانوني لاستخدامات والاستثمار في الذكاء الصناعي ما زالت في طور النشأة، خاصة في تأثيرها على قوانين العمل بدءاً من المرحلة السابقة للتعاقد والالتزامات التعاقدية وإنهاء عقد العمل، لكنه أكد وجود إيجابيات يقابلها سلبيات في الذكاء الاصطناعي.

وعدّد المحاضر بعض الفوائد، ومن أبرزها معالجة بيانات المتقدمين للوظائف (فحص السير الذاتية بشكل تلقائي، وحصر قوائم الأفضلية)، وإجراء مقابلات بالتقنية وتحليلها، وكذلك تحسين عملية البحث، وتقدير الاحتياجات الوظيفية داخل منشأة صاحب العمل، وتسهيل وتحسين عملية البحث عن العمالة من خارج البلاد.

أما في إطار السلبيات، فنوه بأن التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي سيؤثر سلباً على نطاق العمل، وقد يقلل فرص التوظيف لذوي الإمكانيات المحدودة، ويقلل من الاحتياج إلى الكادر البشري، مما قد يزيد في نسبة البطالة في المجتمعات، كما حذر من التمييز في علاقات العمل، قائلاً: “الذكاء الاصطناعي قد ينحاز إلى فئة معينة من المجتمع دون فئة أخرى، وذلك بسبب البيانات التي تغذي فيه بشكل متحيز، ومن أمثلتها التحيز في طلبات التوظيف ضد المرأة”.

ودعا الباحث إلى التركيز لمواجهة تحديات واقعية وتطوير قوانين تنظيم عملية التشغيل وقوانين التعطل، بالإضافة إلى تطوير قوانين الإعلان الوظيفي وتصفية طلبات التوظيف في القطاع الخاص واستحداث وسائل للرقابة القانونية (حوكمة).

وحول تأثير الذكاء الاصطناعي على التزامات طرفي التعاقد، فأشار الباحث إلى التأثير الإيجابي من حيث مساعدة العامل في أداء المهام المناطة به، وكذلك مساعدة صاحب العمل في اختزال بعض المهام التي يقوم بها العامل العادي وتحويلها إلى مهام إلكترونية يقوم بها الذكاء الاصطناعي، واختصار الوقت والجهد وتحسين جودة المهام.

لكنه نوه أيضاً بالتحديات التي يثيرها حول مدى إمكانية تعديل عقد العمل عبر تعديل المهام المسندة للعامل، وقال إن الأصل أن يلتزم العامل بأداء العمل المتفق عليه، ومع وجود الذكاء الاصطناعي قد يتضمن استخدام الذكاء الاصطناعي تحولات وظيفية، بسبب أتمتة المهام التي كان ينفذها الأفراد، وقد يطلب من العمال الذين تم تعديل وظيفتهم أداء مهام جديدة ناجمة عن هذه التقنيات.

تساؤلات مشروعة

وطرح د. الصديقي تساؤلات حول:

• هل يمكن برمجة أجهزة الكمبيوتر لمراقبة سير العمل؟ (مثل: تسجيل عدد ضغطات المفاتيح في الدقيقة، والوقت المحدد، وموقع أي أخطاء ومقدار الوقت المستغرق لإكمال كل مهمة، وغيرها).

• هل يمكن استحداث وسائل رقابة دائمة وغير مرئية؟ (مثال: مراقبة العمال الذين قد يكونون نائمين أو من يقوم منهم بتصرف سيئ ضد الزملاء أو العملاء).

• مدى إمكانية صاحب العمل في الدخول إلى نظام البريد الخاص بالعامل أو استرجاع البيانات.

• مدى إمكانية إجراء التسجيل على المكالمات والكاميرات وغيرها في منشأة صاحب العمل (وحدود ذلك). وإذا قبلنا بذلك إلى أي حد يمكن استبقاء تلك التسجيلات عند صاحب العمل؟ (سؤال الحق في الذاكرة والحق في النسيان).

• مخاوف بشأن “الحق في الخصوصية” والرقابة “خارج أوقات العمل أو خارج منشأة صاحب العمل”.

• هل يعتبر الذكاء الاصطناعي في حالة تدني كفاءة العامل مبرراً للقول بتدني كفاءة العامل؟

وأكد أن عملية التحقيق وصياغة الأسباب والتبريرات التي تسبق إيقاع عقوبة الفصل، تمثل تحدياً كبيراً يتمثل في أن الذكاء الاصطناعي يقوم على فكرة التعلم الآلي، ولديه القدرة الكاملة على اتخاذ القرارات، وبذلك يستطيع إنهاء عقد العمل من خلال قرار نظام الذكاء الاصطناعي، وهنا يصعب للغاية معرفة سبب الإنهاء من قبل الخوارزميات القائمة على فكرة التعلم الآلي.



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى