اخبار عربية ودولية

فقدان الحقائب.. صداع في رؤوس المسافرين وشركات الطيران



محرر الشؤون الاقتصادية

– 23 مليون حقيبة ضائعة في سنة واحدة فقط واسترجاع 18 مليوناً

– مليارا دولار تكلفة الأمتعة المفقودة سنوياً على شركات الطيران

– الأداء الأفضل لشركات الطيران بآسيا بـ3.2 حقيبة لكل ألف مسافر

– 75% من شركات الطيران تعتمد تقنيات حديثة بحلول عام 2025

لا تخلو تجربة السفر الممتعة لملايين المسافرين حول العالم من جزء مرير، هو فقدان الحقائب والأمتعة. وبالنسبة إلى هؤلاء، لا يوجد ما هو أسوأ من اكتشاف أن أمتعتهم لم تصل معهم، كما يشكل فقدان أو تأخير الأمتعة عبئاً لوجستياً ومالياً متزايداً على شركات الطيران حول العالم. ومع تزايد أعداد الركاب وتعقيدات الرحلات عادت مخاوف فقدان الحقائب والأمتعة من جديد. وأظهر استطلاع أن 63% من المسافرين رأوا أن فقدان الأمتعة هو أحد أسوأ الكوابيس التي قد تواجههم خلال السفر، متقدماً على تأخر الرحلات أو إلغائها. في حين ذكر 31% فقط أن شركتهم ستتعامل بفاعلية مع مشكلة الأمتعة المفقودة.

ووفقاً لتقرير حول أمتعة المسافرين لعام 2024، جرى التعامل بشكل خطأ مع أكثر من 23 مليون حقيبة حول العالم في عام 2023، مقارنةً بـ 26 مليوناً في عام 2022. وانخفض معدل الأمتعة التي جرى التعامل معها بشكل خطأ عالمياً إلى 6.9 حقيبة لكل ألف مسافر في عام 2023، وهو الأدنى منذ عام 2018 مقابل 7.6 حقيبة لكل ألف مسافر في عام 2022. وجاء هذا الانخفاض رغم زيادة عدد المسافرين إلى 5.2 مليار خلال ذلك العام.

ورغم أن معظم الحقائب تُسترجع، فإن هناك حوالي 5 ملايين متاع مفقود ما بين ضائع أو مسروق، ولا تعود إلى أصحابها أبداً حيث تُعد الحقائب في الرحلات الدولية أكثر عرضة للفقدان بمعدل يزيد بأكثر من الضعف مقارنة بالرحلات الداخلية.

وتتعدد الأسباب التي تؤدي إلى فقدان أو تأخير الأمتعة خلال السفر، وغالباً ما تكون ناتجة عن خلل في سلسلة العمليات التي تمر بها الحقائب داخل المطارات. ومن أبرز هذه الأسباب، المشاكل المرتبطة بتحويل الرحلات، والتي تشكل نحو 42% من حالات الفقدان. فعندما يكون لدى المسافر توقف أو “ترانزيت”، قد لا تصل الحقيبة في الوقت المناسب إلى الطائرة التالية، خاصة إذا كان وقت الانتقال بين الرحلات قصيراً.

ويأتي بعد ذلك الخطأ في تحميل الأمتعة، والذي يمثل نحو 18% من الحالات، ويحدث ذلك عندما يتم وضع الحقيبة على طائرة خطأ، إما بسبب تسرع العمال أو لعدم وضوح المعلومات المرافقة للحقيبة. كما لا يمكن إغفال دور الازدحام الشديد ونقص الكوادر في بعض المطارات، خاصة خلال فترات الذروة مثل العطل الصيفية والمواسم، مما يؤدي إلى ضغط على أنظمة المناولة والتسليم، ويزيد من احتمالات الخطأ والتأخير.

تُقدّر تكلفة الأمتعة المفقودة على قطاع الطيران العالمي بأكثر من ملياري دولار أمريكي سنوياً، وتشمل هذه التكاليف تعويضات للمسافرين، وشحن الحقائب المتأخرة، وتكاليف خدمة العملاء، فضلاً عن التأثير السلبي على السمعة. وعند فقدان الأمتعة، تلتزم معظم شركات الطيران بسياسات موحدة تستند إلى اتفاقيات دولية، مثل اتفاقية مونتريال، التي تفرض على الشركات تعويض الركاب في حال تأخر أو ضياع الأمتعة. وتبدأ الإجراءات عادة بتقديم بلاغ رسمي من الراكب مع وصف دقيق لمظهر الحقيبة ومحتوياتها، لكي تبدأ الشركة بعد ذلك بمحاولة تعقّب الأمتعة عبر أنظمة تتبع الحقائب. وفي حال عدم العثور على الحقائب خلال 21 يوماً، تُعتبر الحقيبة “مفقودة نهائياً” ويُصبح الراكب مؤهلاً للتعويض المالي.

لكن على أرض الواقع، تختلف درجات الالتزام والسرعة في التنفيذ من شركة إلى أخرى، فبعض الشركات الكبرى توفر تطبيقات رقمية تسهل تتبع الأمتعة وتقديم الشكاوى إلكترونياً، بينما قد يتعين على الركاب في شركات أخرى التعامل مع بيروقراطية معقدة. وغالباً ما يُحدّد سقف تعويض الحقيبة المفقودة عند معظم شركات الطيران بمبلغ لا يتجاوز 1700 دولار أمريكي، وقد يقل كثيراً في حال عدم وجود إثباتات واضحة على قيمة المحتويات.

في عام 2022، كانت شركات مثل أمريكان إيرلاينز ويونايتد إيرلاينز ضمن الأعلى من حيث عدد الشكاوى المتعلقة بفقدان الأمتعة، بسبب كثافة الرحلات وتعقيد الشبكات التشغيلية. في المقابل، سجلت شركات الطيران في منطقة آسيا والمحيط الهادئ الأداء الأفضل، بـ3.2 حقيبة فقط لكل ألف مسافر، بفضل الأتمتة والبنية التحتية الحديثة في العديد من مطارات آسيا. وتبرز شركات كالخطوط السنغافورية والخطوط اليابانية كأمثلة على الكفاءة العالية في تتبع الأمتعة، نتيجة الاستثمار المستمر في تقنيات التتبع المتقدمة وخدمات العملاء الفعالة.

وبدأت شركات الطيران والمطارات تبني حلول تقنية متقدمة تهدف إلى تحسين دقة التتبع وتقليل الأخطاء البشرية. وبالفعل تبنّت بعض شركات الطيران مثل شركة “دلتا” تقنيات التتبع باستخدام شرائح تعتمد على الترددات اللاسلكية، وتطبيقات متابعة الأمتعة لحظة بلحظة، وقد ساهم ذلك في تقليل معدلات فقدان الأمتعة بنسبة تصل إلى 20%. إلى جانب ذلك، أصبحت العديد من شركات الطيران توفر تطبيقات مخصصة على الهواتف الذكية تتيح للمسافرين تتبع موقع أمتعتهم خطوة بخطوة.

وتشير التوقعات إلى أن أكثر من 75% من شركات الطيران حول العالم ستعتمد أنظمة تتبع لحظي للأمتعة عند النقاط الأساسية في الرحلات بحلول نهاية العام الجاري 2025، في خطوة تعكس تحولاً كبيراً نحو تحسين تجربة السفر وتعزيز موثوقية إدارة الأمتعة.

يُعد فقدان الأمتعة من أكثر العوامل التي يمكن أن تجعل السفر تجربة سلبية للمسافرين، سواء بالفقدان أو التلف، ولتفادي هذه المتاعب، هناك عدة خطوات يمكن للمسافر أن يتخذها بدءاً من اختيار حقيبة السفر المناسبة. ويُفضل اختيار حقيبة صلبة مصنوعة من مواد متينة مثل الألمونيوم، حيث توفر حماية فعالة ضد الصدمات والخدوش. كما يُنصح باختيار حقيبة ذات لون مميز أو إضافة شريط لاصق ملون أو ملصقات لافتة، ليسهل تمييزها وسط عشرات الحقائب المتشابهة على سير الأمتعة. ولتأمين الحقيبة، يُفضل استخدام أقفال معتمدة من هيئات النقل، بحيث يمكن لموظفي التفتيش فتحها دون كسرها عند الحاجة، ويمكن أيضاً استخدام روابط بلاستيكية أو أحزمة أمان للسحابات، مما يُصعّب على أي متطفل الوصول إلى محتويات الحقيبة بسهولة. كذلك يُفضل التقاط صور للحقيبة من الخارج والداخل قبل السفر، وتوثيق محتوياتها، خاصة إن كانت تتضمن أدوات إلكترونية أو مقتنيات ثمينة، فهذا التوثيق سيساعدك في حال احتجت إلى تقديم مطالبة لشركة الطيران عند فقدان الأمتعة أو تلفها. ومن الجوانب المهمة التي يتجاهلها البعض وضع بطاقة تعريف واضحة داخل الحقيبة وخارجها، تتضمن اسمك ورقم هاتفك.

وفي حين يتعين على المسافرين اتخاذ تدابير مثل التتبع اللحظي والتقليل من الأمتعة قدر الإمكان، يجب على شركات الطيران أن تولي الأمتعة المفقودة أولوية حقيقية، لا أن تدرجها ضمن قائمة الشكاوى فحسب.



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى