بعد تزايد حالات التحرش والابتزاز الإلكتروني.. غازي: العقوبات رادعة.. والمطلوب التوعية والعلاج الناجع

حسن الستري
تُعتبر فئة الأطفال من أكثر الفئات استخداماً للبرامج الإلكترونية والتطبيقات المتاحة، مما يجعلهم عرضة لتلقي محتوى غير لائق قد يؤدي بدوره إلى انتشار ظواهر سلبية خطيرة. هذه الظواهر قد تسبب أضراراً نفسية وصحية كبيرة، مثل التنمر الإلكتروني، والتهديد، والابتزاز، والاستمالة، وغيرها من الجرائم المرتبطة بالفضاء الإلكتروني.
وفي الفترة الأخيرة، ازدادت بشكل ملحوظ القضايا المُعلن عنها من قِبل وزارة الداخلية والنيابة العامة بشأن حوادث الابتزاز والتحرش التي تستهدف الأطفال عبر الإنترنت، وذلك بالرغم من الحملات التوعوية المستمرة التي تهدف إلى التحذير من خطورة هذه الظاهرة. وتنص المادة 57 من قانون الطفل على أن “تعتبر أعمال استدراج الأطفال واستغلالهم عبر الشبكة الإلكترونية “الإنترنت” وغيرها من وسائل الاتصال الحديثة في أمور منافية للآداب العامة والنظام العام، أو لا تتناسب مع أعمارهم، أعمالاً مجرّمة”.
وتنص المادة 66 من ذات القانون على أنه “دون الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في أي قانون آخر، يعاقب بالحبس والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استدرج الأطفال، واستغلهم عبر الشبكة الإلكترونية “الإنترنت” في أمور منافية للآداب العامة”. كما نصت المادة 53 من قانون العدالة الإصلاحية للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة على أنه “مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد منصوص عليها في أي قانون آخر، يعاقب بالسجن كل من تحرش جنسياً بطفل بالمداعبة أو إظهار العورة أو غرر به لمشاهدة الصور أو الأفلام الإباحية بأي شكل من الأشكال بما فيها شبكة الإنترنت أو غيرها من شبكات المعلومات”.
وفي هذا الصدد أوضح المحامي فريد غازي أن العقوبات المنصوص عليها في القانون البحريني كافية لردع المتحرشين، مع تمتع القاضي بصلاحية تشديد العقوبات بناءً على خطورة الجرم. كما بيّن أن الجرائم مثل التحرش والابتزاز والاستغلال الإلكتروني تخضع لتقييم دقيق من القاضي لتحديد مدى جسامة الواقعة واتخاذ الإجراءات المناسبة للمجرم المرتكب.
وأشار إلى أن التقنيات الحديثة تفتح باباً للتحرش والابتزاز، مما يتطلب الرقابة المشددة على الأجهزة الإلكترونية مثل الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية المستخدمة سواء في التعلم أو الاستخدام العام. وأكد على دور الأسرة في مراقبة ومنع وصول الأطفال إلى مواقع قد تجعلهم عرضة للابتزاز أو الاستغلال، مشدداً على تفعيل دور الأهل والمتولين لحماية الطفل.
وشدّد المحامي أيضاً على ضرورة توعية الأطفال بكيفية استخدام الأجهزة الإلكترونية بشكل آمن، إضافة إلى تقديم إرشادات توعية خاصة لهم لضمان عدم وقوعهم ضحية لهذه الجرائم. وأشار إلى أهمية دور الأبوين في هذه العملية لضمان تعليمهم السلوكيات الصحيحة.
وفيما يتعلق بالعلاج، أوضح المحامي أن التعامل مع هذه الجرائم يتطلب منظومة علاجية متكاملة تشمل الجوانب التشريعية والقانونية والقضائية، إضافة إلى الدعم النفسي والديني. وشدد على حساسية الوضع النفسي للأطفال الذين يتعرضون للتحرش، داعياً إلى سرعة الإبلاغ عن مثل هذه الحالات وكما أشار إلى تطور وسائل الإبلاغ عن الجرائم الإلكترونية التي أصبحت أكثر سهولة الوصول إليها، طالب بعدم التذرع بالمعوقات واتخاذ خطوات إيجابية لمعالجة الوضع النفسي للأطفال المتضررين.
وأكد المحامي غازي أن الرقابة الأسرية هي الأساس في الوقاية من وقوع هذه الجرائم، مشيراً إلى أهمية نشر التوعية والإرشاد الدائم للأطفال والمراقبة الفعالة، خصوصاً للفتيات نظراً للحساسية المعنوية والاجتماعية المرتبطة بتأثير هذه الوقائع عليهن مقارنة بالفتيان.
ومؤخراً تلقت النيابة العامة بلاغاً من وحدة حماية الطفل في الفضاء الإلكتروني بالإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني بوزارة الداخلية مفاده تعرض طفلة – 16 سنة – للاستغلال الجنسي من قبل متهميَن تواصلت معهما عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأرسلت إليهما صورها عاريةً بوهم الزواج منها.
كما تلقت بلاغاً من وحدة حماية الطفل في الفضاء الإلكتروني بالإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني بوزارة الداخلية مفاده تعرض طفلة – تبلغ 15 سنة – للاستدراج والاستغلال الإلكتروني من قبل مجهول يستعمل أحد برامج التواصل الاجتماعي، وقد تمكنت الوحدة من خلال أعمال البحث والتحري من تحديد هوية مستخدم ذلك الحساب.
كما تلقت بلاغاً من وحدة حماية الطفل في الفضاء الإلكتروني بالإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني بتقدم ولي أمر طفل بالإبلاغ عن تعرض ابنه للاستدراج ومحاولة الاستغلال من قبل صاحب حساب بأحد تطبيقات التواصل الاجتماعي، وقد تمكنت الوحدة من خلال البحث والتحري من تحديد هوية مستخدم ذلك الحساب.
تجدر الإشارة إلى أنه في ديسمبر الماضي، أعلنت الجهات المنظمة والمشاركة في الحملة الوطنية التوعوية لحماية الأطفال من الاستغلال والابتزاز الإلكتروني (حماية)، انتهاء فعاليات برنامجها الموضوع لتحقيق أهداف الحملة، والتي عكست بشكل ملحوظ التكاتف والتعاون القائم بين مختلف جهات ومؤسسات المملكة لحماية المصالح الفضلى للطفل وصوناً لحقوقه.
وانطلقت الحملة بتنظيم من النيابة العامة، ووزارة الداخلية، ووزارة التنمية الاجتماعية، ووزارة التربية والتعليم، ووزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، ووزارة الإعلام، وبالتعاون والشراكة مع الأمانة العامة للمجلس الأعلى للقضاء، ووزارة شؤون الشباب، وهيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية، والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، وهيئة تنظيم الاتصالات، ومعهد الدراسات القضائية والقانونية، ومركز الاتصال الوطني، فضلاً عن عدد من منظمات المجتمع المدني.
وهدفت الحملة إلى التوعية بمخاطر تعرض الأطفال للاستغلال والابتزاز الإلكتروني، ولرفع مؤشر الرقابة لدى أولياء الأمور ومتولي مسؤولية الطفل، والإجراءات الواجب اتباعها لتوفير بيئة آمنة للطفل، والحد من وقوعه ضحية للممارسات غير المشروعة، والتثقيف بالتصرف الأمثل في حال وقوع الطفل ضحية، والتأكيد على أهمية الإبلاغ عن تلك الجرائم مع توفير السرية التامة، وسبل الحماية القانونية سواء للأطفال الضحايا أو للمبلغين.
وأوصت الحملة بإنشاء لجنة مشتركة لدراسة التشريعات الوطنية القائمة لبحث مدى كفايتها في مكافحة أفعال استغلال الأطفال وابتزازهم إلكترونياً، وصولاً إلى مقترحات لتوفير أقصى درجات الحماية للأطفال، مما قد يحيق بهم من مخاطر عبر الفضاء الإلكتروني، والنظر فيما يمكن استحداثه تقنياً أو إجرائياً، لاستكمال منظومة مكافحة الجرائم الإلكترونية، وبالأخص الواقعة على الأطفال، ورفع مستوى الوعي التقني لدى أولياء الأمور لتعزيز قدراتهم على ضمان الاستخدام الآمن لشبكة الإنترنت.
وأوصى المنظمون باستمرار كافة وزارات ومؤسسات المملكة في الأنشطة التوعوية لتوفير الحماية للطفل وتحقيق مصالحه الفضلى.