«الكرامة أولا».. بوركينا فاسو ترفض قبول الأشخاص المرحّلين من الولايات المتحدة

على عكس جارتها مالي، تغامر بوركينا فاسو بانهيار التحسّن الطفيف في علاقاتها مع واشنطن، على خلفية رفضها طلبًا أمريكيًّا بقبول الأشخاص المرحّلين من الولايات المتحدة، في ردٍّ نادر على إحدى سياسات الهجرة التي ينتهجها الرئيس دونالد ترامب.
وتؤكد الدولة الواقعة في غرب أفريقيا تمسّكها بمبدأ الكرامة، في ما يعكس تحدّيًا متزايدًا من قيادة المجلس العسكري، برئاسة الكابتن إبراهيم تراوري، لمقاومة الضغوط الغربية بشأن مسائل الهجرة.
ومنذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، انتهجت الإدارة الأمريكية سياسة ترحيل المهاجرين “سيئي السمعة” إلى دول ثالثة، غالبًا إلى دول ليست لديهم بها أي ارتباط سابق.
وفي الأشهر الأخيرة، قبلت عدة دول أفريقية، من بينها إسواتيني وغانا ورواندا وجنوب السودان، أفرادًا طُردوا من الولايات المتحدة، وحصلوا مقابل ذلك على تعويضات مالية أو ترتيبات تأشيرات تفضيلية، إلا أن بوركينا فاسو رفضت المشاركة في هذه الترتيبات.
وقال وزير خارجية بوركينا فاسو، كاراموكو جان ماري تراوري، في تصريح متلفز: “بطبيعة الحال، هذا الاقتراح الذي اعتبرناه غير لائق في ذلك الوقت، يتعارض تمامًا مع مبدأ الكرامة”.
وأضاف: “لقد فوجئنا بهذا الإجراء الذي صدر، رغم رفضنا القاطع لاستقبال الأشخاص الذين نعتبرهم غير مرغوب فيهم”.
وجاء التصريح في أعقاب إعلان السفارة الأمريكية في واغادوغو أنها ستعلّق خدمات التأشيرات العادية لمعظم المواطنين البوركينابيين، مشيرة إلى نقل الطلبات إلى لومي، عاصمة دولة توغو المجاورة، في خطوة من شأنها أن تقلّل من مستوى التعاون الدبلوماسي بين البلدين.
وفي معرض حديثه عن الإجراء الأمريكي، تساءل تراوري: “هل هذه وسيلة للضغط علينا؟ هل هذا ابتزاز؟ مهما يكن… بوركينا فاسو بلد الكرامة، ووجهة، وليست مكانًا للطرد”.
ويعكس موقف الحكومة العسكرية في بوركينا فاسو النهج الذي يتّبعه إبراهيم تراوري، الذي استولى على السلطة في انقلاب وقع في سبتمبر/أيلول 2022. ومنذ تولّيه منصبه، عملت إدارته على تقليص التعامل مع فرنسا وغيرها من القوى الغربية، مع تعزيز العلاقات بدلًا من ذلك مع روسيا والصين.
ويتناقض تحدّي بوركينا فاسو للطلبات الأمريكية بشكل حاد مع موقف مالي المجاورة، التي رحّبت مؤخرًا بالاستثمار الأمريكي في أحد مشاريع تعدين الذهب.
ويأتي هذا الاستثمار في أعقاب استحواذ الحكومة المالية على حصة تبلغ 80% من شركة فايرفينش الأسترالية المحدودة، بما يؤكد على الاستراتيجيات المختلفة التي تتبناها دول الساحل في تعاملها مع الولايات المتحدة بشأن القضايا الاقتصادية والهجرة.
كما يختلف الوضع في المنطقة من بلد إلى آخر؛ إذ وافقت غانا المجاورة، في سبتمبر/أيلول الماضي، على استقبال المرحّلين من دول غرب أفريقيا الأخرى.
وأوضح المسؤولون الغانيون أن هذا لا يُمثّل تأييدًا للسياسة الأمريكية، ولا ينطوي على أي تعويضات مباشرة.
وقالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الشهر الماضي، إن إدارة ترامب عرضت حوافز مالية على بعض الدول الأفريقية لقبول المرحّلين، مضيفة أنها راجعت اتفاقيات مكتوبة تُبيّن أن إسواتيني ستحصل على 5.1 ملايين دولار من التمويل الأمريكي المخصّص للهجرة وإدارة الحدود، بينما ستحصل رواندا على 7.5 ملايين دولار.