العملات المشفرة تعيد تشكيل الاقتصاد العالمي

تمكنت العملات المشفرة من تغيير تصورنا للمال والاقتصاد بشكل جذري، فهل هي عملة، مثل: الدولار واليورو والإسترليني أم سلعة، مثل: الذهب والمجوهرات أم أصل كالأسهم؟

في الحقيقة فإن العملات المشفرة تتمتع بخصائص فريدة تمنع تصنيفها بشكل تقليدي، وتجعلها أداة مالية متعددة الاستخدامات.

وبفضل قدرة العملات المشفرة Cryptocurrency على التكيف، استطاعت إعادة تشكيل وهيكلة المشهد المالي العالمي، بتقديم مجموعة واسعة من الاستخدامات.

المعاملات المالية العابرة للحدود

أصبحت المعاملات عبر الحدود أمرًا شائعًا في عالمنا الرقمي اليوم، لكنها غالبًا ما تكون مصحوبة بتحديات مثل المعالجة البطيئة والرسوم المرتفعة والافتقار إلى الشفافية، وتعتمد المدفوعات عادةً على البنوك ومراكز التحويلات وشبكات بطاقات الائتمان، مما يضيف التعقيد والتأخير.

وتعمل تقنية البلوك تشين على تبسيط تلك العملية، مما يتيح للشركات والأفراد تحويل الأموال بشكل أسرع وبتكاليف أقل، تتم المعاملات بشكل فوري تقريبًا ولا تخضع لعطلات البنوك أو عطلات نهاية الأسبوع أو ساعات العمل، مما يسمح بإجراء مدفوعات عالمية سلسة.

الشفافية

تعمل تقنية البلوك تشين كسجل موزع حيث تسجل المعاملات بطريقة يمكن التحقق منها وتتبعها، ويمكن لأي شخص في الشبكة الوصول إلى تفاصيل المعاملات وتاريخها، مما يعزز الشفافية والمساءلة، وأحدثت تلك الميزة القوية ثورة في العالم المالي، مما عزز الثقة والانفتاح في المعاملات المالية.

مستقبل الاقتصاد العالمي

وذلك لأن العملات المشفرة أعادت تشكيل فهمنا للمال وإدارته بشكل جذري من خلال قدرتها على العمل خارج سيطرة السلطات التقليدية مثل الحكومات والبنوك المركزية، وعلى عكس العملات الورقية، حيث يتم تنظيم السياسة النقدية من خلال آليات مثل زيادة أو خفض المعروض النقدي من خلال أسعار الفائدة، تتبع العملات المشفرة نهجًا لامركزيًا لإدارة تداولها.

ومن بين الأساليب الرئيسية حرق العملات الرقمية وذلك بإمكنية إزالة جزء من العملة المشفرة بشكل دائم من التداول عن طريق إرسالها إلى محفظة لا يمكن الوصول إليها أو تتبعها، ويمكن أن يؤدي ذلك الانخفاض في العرض إلى ندرة، مما قد يؤدي إلى زيادة قيمة الأصول بمرور الوقت، ومن خلال الاستفادة من مثل هذه الآليات، تنشئ العملات المشفرة نماذجها الاقتصادية الخاصة المستقلة عن المؤسسات المالية المركزية.

الوصول إلى فئة جديدة لس لديها تعاملات بنكية

فعلى الرغم من الوجود العالمي للبنوك، إلا أنه لا تزال هناك فئة ليس لديها تعاملات بنكية أو مصرفية، ولا تملك القدرة على ذلك حتى بحساب توفير أساسي، ومع بداية عام 2023 تشير تقديرات البنك الدولي إلى أن 1.4 مليار شخص في جميع أنحاء العالم لا يمتلكون حسابات مصرفية، ويعني ذلك أنهم لا يمتلكون حسابًا لدى مؤسسة مالية تقليدية.

وهنا تظهر قدرة العملات المشفرة كبديلاً رقمياً قابلاً للتطبيق ويمنح الأفراد القدرة على الوصول إلى الخدمات المالية دون الاعتماد على البنوك أو الأنظمة المالية الحكومية.

وفي أفريقيا، على سبيل المثال تستفيد منصة الدفع الرقمية بيت بيسا BitPesa من عملة بيتكوين Bitcoin لتبسيط المدفوعات عبر الحدود، وتظهر إمكانات التشفير في دفع الشمول المالي، وقد أدى ذلك التبني المتزايد إلى تحسن سوق العملات المشفرة في أفريقيا، وتوسعت بمليارات الدولارات.

سلاسل التوريد

وهنا نرى إحدى السمات البارزة لتقنية البلوك تشين وهي قدرتها على تسجيل البيانات بشكل آمن لا يمكن تغييرها، وتثبت بذلك قدرتها على الثبات في إدارة سلسلة التوريد، ومع توسع الشركات على مستوى العالم، يصبح ضمان الشفافية من المصدر إلى المستهلك النهائي أمرًا بالغ الأهمية على نحو متزايد، وتمكن تقنية البلوك تشين كذلك الشركات المصنعة من إنشاء وصيانة سجلات موثوقة وقابلة للتتبع لحركات المواد عبر سلسلة التوريد.

والمثال الواضح على ذلك هو استفادة شركة التجزئة العملاقة وول مارت من تقنية البلوك تشين في معالجة تحديات سلسلة توريد المواد الغذائية، ويسمح ذلك للشركة بتتبع المنتجات بكفاءة وتبسيط إدارتها، مما يضمن قدرًا أكبر من المساءلة والثقة، وكذلك شركة فيدكس FedEx الشهيرة.