اخبار عربية ودولية

«الدروب شيبنج».. نموذج رقمي يفتح أبواب ريادة الأعمال في البحرين



سيد حسين القصابيشهد العالم تحولاً متسارعاً نحو التجارة الإلكترونية، حيث باتت النماذج الرقمية تفرض حضورها بقوة على أساليب البيع والشراء، ومن أبرز تلك النماذج نموذج «الدروب شيبنج» (Drop-Shipping)، الذي يُعد اليوم أحد أكثر أساليب التجارة الإلكترونية انتشاراً، نظراً لما يوفره من مرونة وتكاليف تشغيل منخفضة مقارنة بالنماذج التقليدية.ويُعرف «الدروب شيبنج» بأنه نموذج أعمال قائم على بيع منتجات لا يحتفظ بها التاجر في مخزونه، بل يتم شراؤها من موردين خارجيين فور تلقي الطلب، ليقوم المورد بشحنها مباشرة إلى العميل النهائي.ويتيح هذا الأسلوب للباعة – لا سيما من فئة الشباب – البدء بمشاريعهم الخاصة دون الحاجة إلى رأس مال كبير أو استثمارات في التخزين والتوصيل.ويُعد هذا النموذج حلاً عملياً لمَن يسعى إلى بناء مشروعه التجاري الرقمي، في ظل تزايد المنصات الرقمية ووسائل الدفع الإلكتروني، وسهولة الوصول إلى الموردين في مختلف دول العالم.تعزيزالاستقرار الماليترى الخبيرة الاقتصادية نورا الفيحاني أن نموذج «الدروب شيبنج» يمثل فرصة حقيقية لتحفيز ريادة الأعمال في المجتمعات الخليجية، مشيرة إلى أنه نموذج مرن وحديث يعزز قدرة الشباب على دخول السوق التجاري دون تعقيدات التمويل التقليدية.وتضيف: «الشباب اليوم لديهم شغف بالتقنية، و(الدروب شيبنج) يستثمر هذا الشغف في نموذج عمل رقمي يُمكّنهم من بناء مشاريع إلكترونية من منازلهم، بميزانيات بسيطة، ومن خلاله يمكنهم خوض تجربة التجارة الفعلية، وتعلم مهارات التسويق، وإدارة العلاقات مع الموردين، وخدمة العملاء، وهي جميعها مهارات أساسية لسوق العمل الحديث». وأكدت نورا الفيحاني أن هذا النموذج يساعد على تقليل الحواجز المالية التي تواجه أصحاب الأفكار التجارية، ويوفر بيئة تجريبية مرنة دون الحاجة إلى مخاطر كبيرة. كما يُعزز من استقلالية الشباب، ويمكنهم من تحقيق دخل ذاتي متنامٍ. وعن مستقبل هذا النموذج، أوضحت نورا الفيحاني أنه وفقاً لتقرير صادر عن مؤسسةGrand View Research، يُتوقع أن يتجاوز حجم سوق «الدروب شيبنج» العالمي 476 مليار دولار بحلول عام 2026، بمعدل نمو سنوي يفوق 23%، مما يعكس تصاعد الاعتماد عليه كنموذج تجاري رئيسي في التجارة الإلكترونية. وقالت: «هذا النموذج قد لا يُلغي تماماً التجارة التقليدية، لكنه يشكّل خياراً استراتيجياً مرناً، خاصة في ظل تعاظم التحول الرقمي وتغير سلوك المستهلك، ما يجعله أحد أبرز أدوات التمكين الاقتصادي للفرد والمجتمع على حد سواء».رغبة شبابيةوتوجهات محلية داعمةوتشير تجارب عدد من الشباب البحريني إلى الإقبال المتزايد على «الدروب شيبنج»، لا سيما في ظل الدعم الحكومي والبيئة التشريعية المهيأة. ومن أبرز المبادرات الوطنية في هذا المجال، ما أعلنته وزارة الصناعة والتجارة من إطلاق «ختم التجارة الإلكترونية – إفادة»، الذي يُمنح للمتاجر الإلكترونية المستوفية للمعايير، بما يُعزز من موثوقيتها وثقة المستهلك بها.كما أطلقت الوزارة منصةMall.bh الحكومية، التي تُتيح للمتاجر الإلكترونية المرخصة بما فيها متاجر «الدروب شيبنج» عرض منتجاتها والترويج لها رسمياً ضمن سوق إلكتروني بحريني معتمد، مما يُتيح لها فرصاً أوسع للوصول إلى شريحة كبيرة من العملاء محلياً.ويعكس هذا التوجه رؤية وطنية نحو تعزيز مكانة البحرين كمركز إقليمي في مجال التجارة الإلكترونية، وتمكين الشباب من دخول سوق العمل من بوابة المشاريع الرقمية الناشئة.تجارب متباينةفي عالم الشراءرغم النمو المتسارع في عدد المتاجر الإلكترونية التي تعتمد على نظام الدروب شيبنج، تتفاوت تجارب المستهلكين بين الرضا التام وخيبة الأمل، تبعاً لعوامل مثل جودة المنتج، مدة التوصيل، ووضوح المعلومات المقدّمة من البائع. وأشادت مريم حسن، بتجربتها الشرائية من أحد المتاجر الإلكترونية التي تعتمد هذا النموذج، مؤكدة أن الحقيبة التي طلبتها وصلت خلال أسبوع واحد فقط، في تغليف أنيق وجودة مطابقة تماماً لما تم عرضه في الصور. وعبّرت عن رضاها من الشفافية التي تعامل بها المتجر، خصوصاً فيما يتعلق بمدة الشحن ومصدر المنتج، مشيرة إلى أنها تنوي تكرار التجربة مستقبلاً، لما لمسته من مصداقية ومهنية في الخدمة. بدوره، انتقد أحمد سلمان تجربته مع متجر إلكتروني تروّج له إعلانات واسعة على منصات التواصل، حيث أبدى استياءه من استلام منتج يختلف كلياً عن الصور التي شاهدها، إضافة إلى تأخر الشحن لأكثر من 3 أسابيع، ووصول العلبة بحالة تالفة. وعبّر عن إحباطه من ضعف التواصل مع المتجر، خاصة بعد أن تعثّر طلبه لتعويض أو استبدال المنتج، معتبراً أن بعض المتاجر تستغل «الدروب شيبنج» لترويج سلع رديئة دون رقابة أو التزام بمعايير الجودة. وتبرز هذه التجارب واقعاً مختلطاً يشهده المستهلك في سوق «الدروب شيبنج»، مما يستدعي تعزيز الرقابة، وتطوير الأطر التنظيمية، وتثقيف المشترين حول آلية عمل هذا النموذج، بما يضمن تحقيق توازن بين مرونة التجارة الإلكترونية وحقوق المستهلك.نموذج قابلللتوسع ولكن بحذرورغم المزايا الكبيرة التي يتمتع بها نموذج «الدروب شيبنج»، إلا أن الخبراء يحذرون من الدخول العشوائي لهذا المجال دون دراسة وافية، فنجاح المشروع يعتمد بدرجة كبيرة على اختيار الموردين الموثوقين، وتقديم تجربة مستخدم احترافية، وإدارة المخاطر المرتبطة بالتوصيل وخدمة العملاء.فرصة حقيقية لتمكين الشبابيمثل «الدروب شيبنج» فرصة حقيقية لتمكين فئة الشباب من دخول عالم ريادة الأعمال الرقمية، مستفيدين من التطور التكنولوجي والتشريعات الداعمة. وإذا ما تم توظيفه بذكاء، يمكن أن يشكّل هذا النموذج رافداً اقتصادياً مهماً، وخطوة أولى نحو بناء مشاريع تجارية مستدامة تنافس محلياً وخليجياً.



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى