رياضة

التجديد في منتخبنا الوطني… خطوة نحو المستقبل أم مغامرة مبكرة؟



حسين الدرازي

يخوض منتخبنا الوطنب الأول لكرة القدم مرحلة جديدة في مسيرته، عنوانها الأبرز هو (التجديد) ولو بشكل نسبي، حيث قرر الجهاز الفني بقيادة المدرب الكرواتي دراغان سكوسيتش إحداث تغييرات على تركيبة المنتخب، وذلك مع بدء المعسكر الإعدادي الذي سيقام في سلوفينيا خلال الفترة من 11 إلى 24 يوليو الجاري.

لكن ما الذي يعنيه هذا التغيير؟، وما هي الرسائل التي يمكن قراءتها من قائمة اللاعبين الجدد الذين اختارهم المدرب؟، وهل نحن أمام مشروع طويل الأمد يُبنى على أساس مدروس، أم تجربة وقتية تحت ضغط النتائج والاستحقاقات القريبة الأخيرة وأهمها تصفيات مونديال 2026 والتي خرجنا منها بفشلٍ ذريع بعد التراجع للمركز السادس والأخير في المجموعة، رغم أننا في خضم التصفيات قدمنا بطولة خليجية ولا أروع وحصدنا اللقب الثاني للكرة البحرينية!.

من أبرز ما لفت الأنظار في التشكيلة الأخيرة، كان استبعاد بعض الركائز التي ارتبط اسمها بالمنتخب لسنوات طويلة، وجوه مرت بمراحل عديدة من التنافس الآسيوي والعربي، مثل الحارس سيد محمد جعفر، ولاعب الوسط علي حرم، والمهاجم إسماعيل عبداللطيف، وفي المقابل، اختار الجهاز الفني مجموعة من الأسماء الشابة والصاعدة، بعضها ينتمي إلى المنتخب الأولمبي، وأخرى تألقت محليًا هذا الموسم.

من بين هؤلاء نقرأ أسماء مثل أحمد ضياء، وعبدالله السبيعي، وسيد محمود الموسوي الذي تواجد في قائمة مباراتي السعودية والصين الشهر الماضي، إلى جانب وجوه أخرى مثل عمر صابر عبدالرحمن، الحارس محمد الغربللي، الحارس يوسف حبيب، والمدافع أحمد عبدالحميد.

أسماء قد لا تكون مألوفة كثيرًا للجماهير، لكنها أظهرت ملامح في الدوري المحلي أو في مشاركات المنتخب الأولمبي تدل على أنها قادرة على تقديم الأفضل خصوصاً مع الإحلال التدريجي.

هذا التحول في الاختيارات يعكس توجهًا لتجديد الدماء داخل الأحمر، وهي خطوة لا شك أنها ضرورية لأي منتخب يسعى للاستمرارية والمنافسة على المدى الطويل، ومع تقدم بعض اللاعبين في العمر، لم يعد ممكنًا الاعتماد عليهم بنفس الزخم السابق، وبالتالي فإن فتح المجال أمام جيل جديد يبدو منطقيًا.

لكن هذا لا يعني أن الطريق سيكون مفروشًا بالورود، فالمرحلة القادمة تتطلب توازنًا دقيقًا بين منح الفرص للعناصر الجديدة، وبين الحفاظ على الحد الأدنى من الخبرة داخل الملعب، كما أن هذه المجموعة من اللاعبين (الأولمبيين) والصاعدين تحتاج إلى الوقت، والصبر، والتدرج في منحهم المسؤوليات داخل التشكيلة، لا أن يُلقى بهم مباشرة في مواجهات حاسمة، ثم يُحاسبون على النتائج.

التحدي الحقيقي الذي يواجه الجهاز الفني ليس فقط في اختيار اللاعبين، بل في كيفية إدماجهم داخل المنظومة الفنية للمنتخب، هل سيحصل هؤلاء اللاعبون على فرص حقيقية، فعلية، وليست شكلية؟، وهل ستُمنح لهم مساحة كافية لاكتساب الخبرة تدريجيًا عبر معسكرات ومباريات ودية ومناسبات رسمية؟، أم أن مشاركتهم ستكون محصورة فقط في فترات الإعداد؟.

الإجابة قد تبدأ بالظهور من خلال المعسكر السلوفيني، والذي يمثل فرصة مثالية للجهاز الفني لتجربة التوليفة الجديدة بعيدًا عن ضغط المباريات الرسمية، كما أن هذا المعسكر سيكون بمثابة نقطة الانطلاق نحو المحطة المقبلة، وهي مواجهة جيبوتي في 25 نوفمبر ضمن الملحق المؤهل إلى كأس العرب، البطولة التي ستُقام في قطر بمشاركة نخبة من المنتخبات العربية.

وإذا ما كُتب للمنتخب التأهل إلى النهائيات، فستكون تلك فرصة ذهبية لاحتكاك الأسماء الجديدة على مستوى أعلى، واختبار مدى جاهزيتها الحقيقية.

في النهاية، يبدو أن منتخبنا أمام مفترق طرق جديد، الجيل الذي قدّم إنجازات مهمة في السنوات الماضية ومن أهمها بطولتين لكأس الخليج، وجيل آخر يطرق الأبواب، والتحدي ليس فقط في التجديد، بل في كيفية إدارة هذا التجديد، وضمان أن يكون جزءًا من مشروع وطني شامل لتطوير المنتخب، لا مجرد رد فعل ظرفي.

الجماهير البحرينية، بطبيعتها الوفية والصبورة، مستعدة لمنح هذا المشروع فرصة، لكنها تنتظر في المقابل رؤية خطة واضحة، وعدالة في منح الفرص، وشجاعة في منح الشباب وقتًا حقيقيًا داخل الملعب، لا على مقاعد البدلاء.



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى